حمدان : الإمام الصدر عمل على اشهار الثورة الإسلامية الإيرانية على الصعيد اللبناني العربي والدولي
بمناسبة ارتحال الامام الخميني قدس سره
الامام المغيب السيد موسى الصدر عمل على اشهار الثورة الاسلامية الايرانية على الصعيد اللبناني العربي والدولي
بقلم عضو هيئة الرئاسة في حركة امل
الدكتور خليل حمدان
التقى الامام السيد موسى الصدر مع لوسيان جورج مراسل صحيفه “اللومند الفرنسية” في بداية شهر ايار عام ١٩٧٨، وطلب منه ان يذهب الى العراق لاجراء مقابلة مع الامام الخميني المقيم في النجف الاشرف في العراق لينشرها في الصحيفة التي يعمل بها ولتعمم. وكانت بدايات التحرك والانتفاضة والثورة في ايران اذ ان الامام الصدر كان يتطلع الى ايصال صدى هذه الثورة الى الاعلام الاوروبي والعالمي على لسان قائدها، وكان لهذه المقابلة صداها، اذ تم نشرها في الصحيفة المذكورة في في ٦ ايار عام ١٩٧٨، وكذلك نشرتها جريدة السفير لاحقا، فيما تمت طباعتها بكراس بتوجيه من الامام السيد موسى الصدر ومتابعة الشهيد مصطفى شمران.
واذ نستعيد هذه المرحلة التي كان فيها الامام الخميني في منفاه في العراق، فهي الفرصة التي رآها الإمام الصدر لتسليط الضوء على اهداف هذه الثورة مستفيداً من علاقاته وخبراته بالرغم من الدعم الغربي والعديد من الانظمه التي تروج اعلاميا لشاه ايران، وبالتالي قرع الامام الصدر جرس المعركة مستكملا ذلك بمقال الذي نشر في 23 اب 1978 في نفس الجريدة الفرنسية اللومند بعنوان: “نداء الانبياء” مسهبا في الحديث عن اهداف هذه الثوره بقيادة الامام الخميني.
وهو بعض الوفاء للإمامين الرائدين ان نذكر فيهما تلك المآثر الجبارة التي لا زال يتردد صداها مع الامل الدائم بعودة الامام الصدر واخويه الى ساحة جهادهم وان تستمر هذه الثورة لتحقيق المزيد من الاهداف التي اعلنها الامام الخميني قدس سره الذي اجاب على سؤال الصحفي لوسيان جورج:”هل تمثل سياسة الشاه الداعمة لاسرائيل اسباب معارضتكم لنظامه؟”
فاجاب:”اجل لان اسرائيل احتلت ارضا وطردت شعبا وارتكبت بحقه جرائم لا تعد ولا تحصى، وحرص الشاه على البقاء على العلاقات السياسية مع اسرائيل وتقديم المساعدات الاقتصاديه لها”.
نعم، تأتي الذكرى السنوية لوفاة الامام الخميني قدس سره والعالم يستذكر هذه الشخصية العالمية التي تركت بصماتها على التحولات السياسية على اكثر من مستوى سواء على مستوى الداخل الايراني حيث تمت الاطاحة بشاه ايران ونظامه او على مستوى القضية الفلسطينية حيث شكل انتصار الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخميني نقطة ارتكاز لعملية اعادة التوازن في عملية الصراع ضد العدو الصهيوني الذي راهن على المفاوضات الثنائيو لتحييد بعض الانظمة العربية وخاصة من دول الطوق عبر اتفاقيات ثنائية خصوصا بعد زيارة السادات الى القدس عام 1977، الى اتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة. ولكن انتصار الثورة الايرانية شكل اندفاعة دفاع جديدة لصالح اعادة التوازن الى القضية الفلسطيني، اذ ان سقوط شاه ايران ونظامه افقد العدو الصهيوني سندا قويا باعتباره شرطي الخليج من جهة، والذي روج لعملية السلام بقوة بعد زيارة السادات المشؤومة الى فلسطين المحتلة من جهة اخرى، مما رجح عملية التراجع في ظل الترويج لعملية السلام المزعوم، وان رمزية انتزاع العلم الاسرائيلي عن سفارة العدو الصهيوني في طهران ورفع علم فلسطين كان بمثابة اعلان عن مرحلة جديدة اعطى دفعا جديداً لخيار المقاومة على ان فلسطين ستبقى المكون الجمعي للعرب والمسلمين والمسيحيين وكل الاحرار في العالم.
ان حضور القضية الفلسطينيه عند الامام الخميني لم تكن مستجدة، وهذا ما يؤكد ان اهداف الثورة الاسلامية الايرانية لم تكن فقط محصورة بالاعتراض على سلوك شاه ايران وممارساته داخل ايران، بل شكل انحيازه الى اسرائيل حالة اعتراض وإدانة من قبل الشعب الايراني وقيادته، حيث يتضح من خلال خطب ومواقف الامام الخميني وقيادة الثورة الاسلامية الايرانية الانحياز الواضح للقضية الفلسطينية وادانة سياسة شاه ايران المتماهية مع العدو، ويبدو ذلك جليا من خلال ادبيات الثورة السياسية والاعلامية والثقافية سواء قبل انتصارها او بعد هذا الانتصار.
من هنا بات العالم يشهد مرحلة جديدة مفادها ان العالم قبل انتصار الثورة الايرانية ليس كما بعد انتصارها، ليعود مشهد المراهنة على خيار المقاومة حاضرا بقوة في ظل ترنح عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني لصالح تنامي حضور خيار التمسك بحقوق الشعب الفلسطيني عبر المقاومة والممانعة.
ان ارتحال الامام الخميني قدس سره في مطلع حزيران عام 1989 لا يحجب الاثر الكبير الذي تركه ولايزال يتردد صداه على مساحة العالم، وهي مناسبة ليست ذكرى فحسب، بل ذاكرة ترفد الاجيال بالمزيد من الخيارات التي تشي ان فلسطين عصية على النسيان.
والمشهد بات اكثر وضوحا من خلال حضور المقاومة كما ونوعا وخيارا ليسقط مفهوم روّج له العدو بمقولة ان الكبار يموتون والصغار ينسون، ليرتفع مفهوم الرهان على تحرير الوعي وانعاش ذاكرة البعض.
بمناسبة ارتحال الإمام الخميني (قدس سره) نوجّه تحية اعتزاز واكبار إلى كل شهيد وجريح وإلى كل مجاهد مضى أو استمر على طريق العزة، وهذه الثورة ستبقى الأمل والرجاء بقيادة مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام السيد علي الخامنئي، وأن مسيرة التحرير والعدالة ستبقى مع أمل المعذبين الإمام السيد موسى الصدر
وأمل بنصر الله.