زلزال الدولار يضرب مجددًا وموظفو الدولة على صفائح متحركة./عماد محمد ياغي
إنها الهزة الاكبر في سلسلة هزات انهيار سعر صرف العملة اللبنانية مقابل الدولار والذي يجتهد للبلوغ مقابل الليرة التي تخطت سن اليأس والتي سيكون لها ترددات على المستوى الاقتصادي لن تعرف لها نهاية في تدميره وقتل رواتب جميع موظفي القطاع العام حيث لا تنفع كل عمليات الاغاثة المتواضعة التي تسعى إليها طبقة حاكمة لا تتمتع بالمعايير المقاومة لأقل أنواع الهزات ضراوة.
اذا اعتبرنا بأن عدد موظفي القطاع العام يلامس ال 400 ألف موظف وكل موظف لديه عائلة مؤلفة من زوجة وولدين بالحد الادنى فإننا لن نستطيع انتشال ما يقارب من اكثر من مليون ونصف المليون لبناني على أقل تقدير من صدع نهاية الحياة.
كيف يمكن لأي فرد منهم الاستمرار اذا كان راتبه يساوي خمسة ملايين ومصروفه لا يقل عن العشرين مليون ليرة؟!
منظومة الحكم أفلست في إيجاد الحلول ولبنان أصبح مجرد بقعة جغرافية مؤقتة السكن لحين النجاح في الحصول على بصيص أمل للهروب من مستنقعات الزلازل التي ضربتها حيتان المال والسياسة بالتضامن والتكافل والتشريع والمصادقة والتسهيل والسكوت والهروب والتواطؤ وانعدام وتغييب للمحاسبة وجعل الناس يتلهون بتفاهات وبرامج اغلب الاعلام المأجور.
في بلد مثل لبنان تم تقسيم القطاع العام إلى إدارات عامة وبلديات ومصالح مستقلة وقوى أمنية ومؤسسات عامة.
للأسف تم اعطاء لكل جهة ما بل كل مؤسسة تقديماتها الخاصة وامتيازات عينية ليست على غرار الباقين ما نتج عن ذلك اختلاف في كم ونوع الحقوق وخلق بيئة عمالية غير متجانسة المطالب ولا متساوية الحقوق ، الأمر الذي ساهم بقدر هائل بضرب اي عمل نقابي يسعى نحو تحقيق ما يمكن تحقيقه من العدالة الاجتماعية.
هذا الزلزال لم يدمر القطاع العام فحسب بل عمل على نهب اموال الموظفين وممتلكاتهم فغدا كل واحد منهم يعرض ممتلكاته للبيع بأبخث الاثمان كي يبقى على قيد الحياة تحت قبة نظام مهترئ البنيان، متصدع منذ عقود ، لم يتم استصلاحه بل كان من صممه من مجموعة من المهندسين يعملون على اضافة طوابق جديدة من الفساد متناسين وجود أرواح بداخله ولا يحتمل سماع ولو حتى جدار صوت طائر ضعيف بجانبه.
هل يجب على سكنة البنيان تحمل وزر تصدعه في ظل الفساد المستشري والمديونية التي لم تتناسب مطلقًا مع حجم الانفاق والانتاج والمشاريع العامة!؟
إن بنيانا آيلًا للسقوط – اذا حاولنا ترقيع الحال والتوصيف – فمن الجنون المبيت فيه، من الجنون الاطمئنان اليه او حتى مجرد التفكير بإصلاحه، ومن الجنون الركون الى مهندسيه ويجب من حيث المنطق الطبيعي ازالته من رأسه الى ساسه.