ثورة النساء \ مارون نمور
إن ما يجري في إيران هو ثورة بكل معنى الكلمة ، والسبب هو الضغط المتواصل لتدجين الشعب ، والمفارقة أن الثورة الإسلامية في إيران قد قامت لنفس الأسباب التي كان يعتمدها شاه إيران محمد رضا بهلوي بالإعتماد على السافاك اي جهاز المخابرات الذي كان يحمي النظام طوال الفترة الأمبراطورية .
والسؤال الذي يطرح نفسَهُ : طالما أن الأكثرية المؤمنة في إيران والتي قلبت نظام الحكم واستلمت الحكم من بعدِهِ ، لماذا إذن ومن ماذا تخاف ، وما سبب عدم ترك مساحة من الحرّية للشعب ، فالمؤمن ليس بحاجة لأي نوع من التصويب والتقويم ، وأما غير المؤمن أو غير المُلتزِم وطالما أنّه أقلّية فليُترك له هامش من الحرّية ، وبذلك يتم إجهاض الكبت الداخلي لدى هؤلاء ، وإذا تعمّقنا بنفسيّة الإنسان ونشأتِهِ ، نجد أن غريزة الحرّية مطبوعة في جيناتِهِ ، وهذه الغريزة تدفعُهُ عند ممارسة الإلزام بالإنتفاض على الواقع حتى لو كان مؤمناً بالصميم ، وهنا تعود بنا الذاكرة إلى ما قبل الثورة الإسلامية في إيران ، وإلى ما قبل أذرُعها في عدد من البلدان العربية ومنها لبنان ، فقد كان الحجاب والتقيُّد بالدِّين رائجاً بشكلٍ طبيعي ، إن كان في إيران أو عندنا في لبنان ، فقد كان الحجاب من البديهيات ولم يكُن يشكِّل عنصر استغراب ، لا بل كان مُحترماً وموقّراً ، بينما أصبح بعض الشيء عنصراً مُختلفاً ، السبب في ذلك هو أنه عندما كان طبيعياً كان يَترك في النفوس الإنطباع الطبيعي ، أما وبعد الإلزام في مكان ما ، أصبحت النظرة مُختلفة من ناحية السؤال الذي يُسأل : هل هذا الحجاب قيمة كما نشأنا على ذلك ، أم أن هذِه الفتاة لأي سبب تحجّبَت ، هذا السؤال لم يكن يُسأل يوماً ، ولم تكن النظرة إلّا من منطلق طبيعي واحترام كُلِّي .
إضطررنا للغوص بهذا الموضوع نظراً للمأساة التي تحصل بإيران ، طالبين من الله أن يمنح الحكّام الحكمة والتعقُّل ومساعدة الإنسان بأن يعيش نوعاً من الحرِّية ممّا يُعطي لأي نظام قيمة سلوكية ترتدُّ عليهِ إيجاباً ، فالقمع يمكنه أن يؤجِّل الإنفجار ولكن لا يمكن أن يُلغيه ، هذا هو التاريخ ، من يقرأ يعلم ومن يتبصَّر يدرأ .