مقالات

التمرد ليس حكراً على الرجل\ ملاك نورة حمادي

التمرد ليس حكراً على الرجل

كتبت ملاك نورة حمادي ضمن مشاركتها في مسابقة أفضل مقال في شبكة ZNN الإخبارية

للعنصر النسوي دور رائد في الكتابة منذ عصور سواء كانت ملهمة أي مادة كتابية استغلها الكثير من الكتاب والشعراء لنثر الجمال بكتاباتهم …أو هي الكاتبة الأصلية لروايات وقصائد تعالج مواضيع تتعلق بها شخصيا
أو بقضايا النساء في كل حقبة زمنية عاصرتها بمواضيع رئيسة كشكوى بين المحبّين أو معاناة امرأة تناجي الرجل الذاهب، الظالم، اللامبالي ولا يمكن الإنكار أنها كانت تنثر جمال روحها بكتاباتها .
إن مصطلح الأدب الحديث والقديم لا أساس له من الصحة
بل هو ذاته في كلّ العصور، لكنّه يختلف من جيل إلى آخر والفرق يكمن في المسافات الماديّة بين العصور، فالكاتب الذكيّ يجب عليه أن يواكب عصره ويتّخذ معاناة وأحداث الفترة التي يواكبها مصدر إلهام لإبراز قدراته على كشف الحقائق المخفية، كما أنّه هو بيان لإعادة ترتيب الحياة، والحياة لها ماهيّة التغيّر والتوسّع ، بالنتيجة فالأدب له في كلّ فترة روح خاصّة به وإن كان عكس ذلك فهو مقلد ومبتذل .
إن طريقة الفهم لدى الكاتب والقارئ في فهم مفاهيم عدّة كالعشق والشجاعة والمعتقدات تختلف عن الماضي ،
فرمزية الجنون سابقا كانت لأقصى درجات العشق اختلفت تماما الآن هذه الرؤية وأصبحت واقعية أكثر ..المجنون بالحب مريض نفسي يحبذ العيش معاناة وعذاب دائم غير باحث عن التحرر.
من الضروري في عصرنا استخدام مفردات صادمة حتى ولو كانت بشعة وحتى إن لم يتناولها الأدب من قبل ليس الغرض منها التجديد والعصرنة وإنما هي بمثابة صدمة كهربائية للعقول التائهة وإن البلاغة والفصاحة اللغوية ليست كافية لإبراز الحقائق .
الأدب الحديث وجب عليه أن يحتوي على لسان حيّ وحر ، لسان غير رؤوف ناقل لكلّ اللحظات التي نعيشها
علينا التخلص من الزوائد وأن نكفّ عن كتابة المدح والنصح والمواعظ ولا نتخذ دور القائد والمرشد، في كتاباتنا .
الأدب الحديث بات قريباً من الروح الإنسانيّة وأسرارها إذ انتهج أسلوب الحوار والمخاطبة لهذه الروح وخلق نمط جديد في السرد.
عرف بالتمرد …
إذن.. الخذلان ومحاربة المرأة الكاتبة غالبا ما يصنع منها متمردة أنثى ناضجة ملتهبة المشاعر ، ومنبوذة الفكر
تريد التشبّث بالحياة وتذوّق طعم السعادة كأيّ امرأة عاديّة، ولن تحصل على قليل من تلك السعادة إلّا بين مدادها وورقاتها البيضاء .
قلمهاحرّ متمرّد يثير فضول المثقّفين والقراء ، هي كاشفة عن الأقنعة في مجتمع بأناس فارغين فكرياً مقتنعين بسعادات إفتراضية ، ترتب العالم بلغتها وجملها الصادقة
لتكوّن نصوصا تعرّي الزائف أمام الملأ، لأنها تعي تماماً في أيّ مجتمع تعيش فيه ومكانة المرأة فيه، لتخلق عالما مختلفا تماما .
استطاعت بعض الكاتبات في عصرنا أن تكسر التابوهات و تكتب بمطلق الحريّة مستخدمة أقسى العبارات دون الرجوع للمعتقدات المكتسبة
والموروثة، بل تستوحيها من صدى الطبيعة في حسّها الوجدانيّ وهذا النهر المتدفّق من المفردات خلق سبلا جديدة لهويّة الكاتبة في الأدب النسوي .

وإن كانت لفظة التمرد تعد عند البعض تهمة فنحن نتشارك التهمة أقصد الرجل والمرأة غير أن المرأة توجه لها أصابع الاتهام أكثر من الرجل خصوصا بالمجتمعات العربية
يعاني الأدب النسوي الحديث هجوما ساخط .
إذ لا يسمح للمرأة بالكتابة بكل حرية وسرد الحقائق بماهيتها
فكلما حاولت المرأة التحرر من قيود العقائد والتقاليد والأفكار البالية نالت شرف لقب
ناشز ….غير سوية بالتفكير …منحلة أخلاقيا ويمكن أن يذهب التفكير بها إلى أبعد من ذلك إذ توصف المرأة المتمردة بالحرف أنها رجولية الفكر تخوض مضمار مواضيع محرمة على جنسها وعليها أن تكتب ضمن إطارات محددة ليس لها الخروج منها

يحتاج الأدب النسوي أحيانا إلى سرد حقائق وأحداث صادقة لا تقبل التبطين في نسج النصوص إذ وجب نقلها للمتلقي بكل شفافية وصدق والمرأة التي تتمتع بالنضج الفكري لا تخلو كتاباتها من رائحة الرجل ولم تنفي يوماً أن الرجل هو قطعة البازل التي تكمل حياتها.

شرحت المعاجم كلمة التمرد على أنها عصيان وخروج عن الطاعة رغم أن مفردة التمرد لا تعني بالضرورة تصرفات سلبية أو انتهاج سلوك غير محبذ بل هي ثورة من أعماق الروح البشرية ناتجة عن الضغوطات الاجتماعية التي تتعرض لها هذه الروح فالتمرد هو محاولة لتغيير وضع انجبرت عليه النفس البشرية ساعية إلى إثبات قناعة ما.

وأي خروج عن المألوف ليس بالضرورة هو تصرف غير إيجابي ربما ما كان غير مألوف الآن من شأنه استئصال أفكار متجذرة بالمجتمعات وقد يكون نقطة تحول نحو تفكير سليم

فالتمرد هو حكر على الإنسان الواعي الوفي لذاتيته بل هو الجنين الأول لمرحلة التغيير، لذا وجب علينا عدم النظر للناحية السلبية لهذا المفهوم عند المرأة الكاتبة ،هي فقط تريد الخروج من بوتقة القمع والوجع ….

أكن احترامي لكل متمردة أبدعت وبقيت ضمن الخط الصحيح فتكلمت عنها إنجازاتها …. بات واجب أن نعرف موقعنا من الكتابة.هل فعلا تحررنا من قيود التقاليد

وهذا ليس فقط بالنسبة للأدب النسوي بل هو كذلك يلامس جانب من الأدب لدى الرجال.

هل فعلا لنا القدرة والشجاعة على خط مشاعر وأحداث حقيقية ؟
هل فعلا مدادنا حر ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى